سلسلة آفاق كتابيّة 1 - أقوال يسوع - العظة على الجبل وصلاة الابانا

إنّ المسيحيين الذين يَعنون بتفسير أسفار أو نصوص من الكتاب المقدّس ولاسيّما العهد الجديد منه، قلّما يعثرون على كتب تساعدهم على تفسيره. في هذا الكتاب الذي ألّفه يواكيم يرمياس، أحد أهمّ أساتذة تفسير العهد الجديد، يجد القارئ مبتغاه في فهم النصوص. إنّ إصدار تأليف لكاتب بروتستانتيّ لوثريّ من ألمانيا، لدى ناشر كاثوليكيّ مُساهمة متواضعة، ولكن حقيقيّة، في قضيّة وَحدَة المسيحيّين. بيد أنّ امتناننا لا يقف عند هذه المبادرة الأخويّة. وإنّما يذهب إلى أبعد من ذلك، ويتوجّه إلى الموقف العميق الذي يتّخذه الشارح تجاه النصوص الإنجيليّة. إن يرمياس من هؤلاء العلماء الذين يميلون إلى النهج الصارم والعلم الأكيد لسعيهم نحو شفافيّة خالصة حيث يتجلّى النصّ على حقيقته. فالتحليل الأدبيّ للعظة على الجبل والصلاة الربيّة، والعناية التي يُبديها الشارح في سبيل تنظيم هذه النصوص واستخدامها للتعليم المسيحيّ الاوّل إنّما يوّد استعادة الفحوى الدقيق لأقوال يسوع، وكأنّي به يُسمع مُجدَّدًا إلى نبرتها المُباشِرة. ولذلك سيتسنّى للقارئ الكاثوليكيّ والبروتستانتيّ أن يجد هنا فائدة روحيّة متساويّة. وسيؤدّيان الشكر لربّهم الواحد. وسيصلّيان إليه لكيما يحقّق عمل الوَحدَة.

يواكيم يرمياس (1900- 1979) لاهوتيّ ألمانيّ لوثريّ ومن أهمّ علماء العهد الجديد في القرن العشرين، كما أنّه تخصّص في دراسة الشرق الأدنى القديم. السمات المميّزة لنتاج يواكيم يرمياس الغزيرة هي الروابط الوثيقة التي يكتشفها بين يسوع وبيئته الأصليّة، والوضوح الذي تكتسبه أقوال يسوع بفضل دراسة أصلها الآرامي، والدقّة والمرونة في دراسة النصوص، والعناية التي يوليها لمنظورات يسوع الأخرويّة.
وحول هذه النقطة الدقيقة، تشهد الطبعات المتعاقبة والترجمات لكتابات يرمياس للجهد المتواصل الذي بذله هذا الأستاذ الكبير.